في ظل التقدم التكنولوجي الكبير الذي نعيش فيه، فإن التكنولوجيا أصبحت جزء أصيل ومكون رئيسي في حياتنا. ولأن شركات الاتصالات تعلم هذا جيدًا فهي تستغلنا وتخدعنا أغلب الوقت، فإن أردت أن تعرف كيف يحدث هذا؟ فلنكتشف معًا هذا الأمر.
تعتمد شركات الاتصالات في عالمنا العربي على ضخ مزيد من الاستثمارات في مجال التسويق بصفة عامة والتسويق الإلكتروني بصفة خاصة، إذ تزيد حصة شركات الاتصالات في مصر عن 30% من إجمالي حجم السوق الدعائي والإعلاني. معتمدة في ذلك على ما يحققه هذا الأمر من عائد يفوق بكثير حد الإنفاق في الاتجاه ذاته، ما يؤدي إلى رفع القيمة الاقتصادية للعلامة التجارية. وكلما تشبع السوق ازدادت شركات الاتصالات في تنويع وسائلها الدعائية وعروضها المُخادعة فى كثير من الأحيان.
مواقع التواصل الاجتماعي:
تمتلك شبكات التواصل الاجتماعي مثل (فيسبوك، تويتر، سناب شات، جوجل بلس … وغيرها) قاعدة كبيرة من المشتركين تتعدى المليار مُستخدم، كما إنها تمتلك الكثير من المعلومات عنهم مثل الفئة العمرية، والموقع الجغرافي، والاهتمامات، والهوايات، وغيرها من المعلومات التي تستطيع استخدامها في توجيه الإعلانات إليهم. وقد استطاعت شركات الاتصالات استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في حملاتها الإعلانية من خلال الإعلانات الممولة والتي تحقق بها عبور حاجزي المكان والزمان بفضل قوة هذه الشبكات وانتشارها.
الإنترنت:
تستغل شركات الاتصالات الموقع الرسمي لها والمواقع الأخرى في الدعاية لنفسها وتقديم خدماتها بأقل تكلفة ممكنة، مُعْتمدة على الخداع البصري والسمعي والإدراكي بفضل جاذبية التصميم وحُسن اختيار الألوان.
التواصل المباشر مع العميل:
أتاح التقدم التكنولوجي لشركات الاتصالات إمكانية مراسلة العملاء بشكل شخصي سواء من خلال رسائل البريد الإلكتروني أو عبر الشات أو النشرات البريدية، أو خدمة الأخبار RSS.
الخداع التسويقي:
بناء على ما سبق فإن شركات الاتصالات لديها الكثير من الأدوات التي يمكنها استخدامها لجذب عملاء وخداعهم. وفيما يلي نعرض لأهم طرق الخداع التي تمارسها شركات الاتصال لتبيع عروضًا ربما لست في حاجة إليها:
يًعرف عبد الكريم وفتحي مفهوم الخداع التسويقي بأنه «عملية تكوين انطباع أو تقدير أو اعتقاد أو حكم شخصي خاطئ لدي العميل فيما يتعلق بالشيء موضوع التسويق، حيث تقوم الشركة المُعلنة بإعطاء معلومات غير صحيحة عن المُنتج المراد الدعاية له بهدف تضليل المستخدم فيما أو إلحاق الضرر به، فيما يدل على عدم التزام الشركة بالمعايير الأخلاقية»
أساليب الخداع:
الخدمة:
يمُارس قطاع الاتصالات في معظم الدول العربية الخداع التسويقي في نوعية الخدمة المُقدمة؛ بحيث يُقدم خدمات غير المُعلن عنها، كما توحي لعملائها أن الخدمة المُعَلن عنها محددة المدة حتى يقبلوا بالاشتراك فيها.
السعر:
يمثل السعر غير العادل أحد مظاهر الخداع التسويقي لشركات الاتصالات، إذ يطلبون أسعارًا مبالغ فيها لا تتوافق مع الخدمة المُقدمة، كما نجد في أغلب الأحيان أن الأسعار المُعلنة عنها غير تلك التي يقوم بدفعها العملاء، وكذلك الأمر في غرامات التأخير أو غيرها من الخصومات لا يتم الإعلان عنها وإنما تُطلب من العميل على حين غِرة.
الترويج:
هو واحد من أهم عوامل خداع العملاء بما يكونه من صورة كاذبة لشركات الاتصالات ويلحق الضرر بالعملاء ماديًا ومعنويًا.
إحصاءات عن خداع شركات الاتصالات:
في حين أن النظرية تقول أن المسوقون الذين يستخدمون الخداع يصلون إلى النتائج التي يصبون إليها مؤقتًا لكن في الأجل الطويل يخسرن كثيرًا؛ إذ من الصعب أن يُخدع العميل أكثر من مرة. إلا أن الدراسات الميدانية تؤكد غير ذلك، ففي قطاع غزة أكدت دراسة فاطمة العاصي عام 2015م على ممارسة شركات تزويد الإنترنت للخداع التسويقي. وفي مصر رصد حسين عليِّ أثر التسويق الإلكتروني على الخدمات المقدمة من شركات الاتصالات في مصر، وأجريت الدراسة على الشركات الأربع العاملة في مصر (شركة we الحكومية، اتصالات الإمارات، أورانج، فودافون)، حيث توصل الباحث إلى أن 16% فقط راضين عن مستوى الخدمة المقدمة لهم بالنظر إلى المحتوى الإعلاني الذي تروج له الشركات عبر الفيس بوك لاسيما شركة We الحكومية.
ولم تكن سوريا بمنأى عن خداع شركات الاتصالات حيث أجريت دراسة عن أثر التسويق الإلكتروني على رضا الزبائن في قطاع الاتصالات وبالتحديد شركتي سيرياتل وإم تي إن، وأكدت الدراسة تأثير التسويق الإلكتروني على رضا الزبائن لاسيما مع وجود اختلاف بين المحتوى المقدم في حملات التسويق الإلكتروني وبين الخدمة المُقدمة للعملاء في الشركتين. وفي الجزائر تؤكد دراسة عثو عبد الكريم ومعطى فتحي أن هناك خداع في الخدمة المُقدمة من شركات الاتصالات الثلاثة، وهو ما يشعر به عملاء الشركتين، وقد حازت شركة جازي على المستوى الأول في الخداع التسويقي.
وبينما يخدع المواطن العربي مرة إلا أنه لا يستطيع أن يوقف التعامل مع شركات الاتصالات لاسيما ونهلا يوجد بديل يلجأ إليه، ولا من يحميه.
الحماية القانونية المفقودة:
على الرغم من أن النصوص القانونية في الوطن العربي قد تطورت كثيرًا خلال العقد الماضي إلا محاولة مراعاة التطور الكبير الذي طرأ على السوق التجاري لاسيما مع وجود التسويق الإلكتروني والخداع الذي تستخدمه شركات الاتصالات، إلا أن هذه القوانين لم تستطع بعد حماية المستهلك من الوقوع في فخ الخداع، الأمر الذي يستلزم إعادة تكييف هذه القوانين أو ربما سن قوانين جديدة.
هذا بينما في بعض القوانين الأخرى نجد حماية المستهلك أقوى بكثير، فمثلًا ينص قانون المنافسة الكندي، بموجب المادة (52-1) على أنه «لا يجوز لأي شخص، بأي شكل من الأشكال، بقصد التشجيع المباشر أو غير المباشر، على التزود أو استخدام منتج، لغايات تجارية، أن يقدم للجمهور، عمدًا أو غير آبه بشأن العواقب، إرشادات كاذبة أو مضللة حول نقطة هامة».
فهل يبدو العالم العربي بحاجة لمزيد من القوانين لحماية مواطنيه من استغلال شركات الاتصالات؟ أم أن السلوك الاستهلاكي للمواطن العربي هو الذي في حاجة إلى تغيير؟!